المرأة مع النبي (ص) في حياته وشريعته (ملخص من الکتاب )
تأليف: الشهيدة بنت الهدى
نِساءٌ في حياةِ النبي
كان عصرَ الظلام، وإن كان لها عصرَ النور، وكان عصرَ الجهل، وإن كانت فيه أعرفَ ما تكون. كان عصر الوحشية البغيضة ولكنها كانت مثالاً للإنسانية الكاملة. فهي عقيلة خيرة شباب عصره عبد الله بن عبد المطلب، ومن الذي ينكر عبد الله أو ينكر من فضله شيئاً، وهو حلم عذارى قريش ومرمى آمال الفتيات، وقد تخيرها هي دون سواها لتكون له زوجاً ولنسله أماً، فمن أجدر من آمنة بنت وهب وهي المنحدرة من أعرق الأسر، والمتقلبة في أعز أحضان، أن تحتل هذه المكانة الفذة.
نعم كانت صاحبتنا هذه هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب، وقد جلست إلى ظل شجرة ...
....فقد استقبلت الدنيا محمد بن عبد الله وهو يتيم يكفله جده وتحضنه أمه الثاكلة آمنة بنت وهب، وهي المرأة الأولى في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ثمّ تمضي الأيام تتبعها الأسابيع والشهور وآمنة عاكفة على وليدها الغالي تفديه بالنفس والنفيس حتى بلغ السن الذي يتحتم به عليها أن تدفع به إلى المراضع؛ فقد كان المفهوم السائد في ذلك العصر أن الطفل الذي ينمو في البادية ويترعرع في جوها الطلق يكون أشد عوداً، وأقوى...
...وهكذا أصبحت حليمة المرأة الثانية في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وقد رجعت حليمة وزوجها الى أحياء بني سعد، وهي تحمل معها طفلاً يتيماً لم تتمكن أن تحصل على غيره في الوقت الذي حصلت فيه باقي المرضعات على أطفال أغنياء استلمتهم من أيدي أبويهم محملين بالزاد والمال الوفير...
ومنذ أن ضمت ساعداها هذا اليتيم أحست أنه أصبح لها كل شيء وأحست أنها تود جادةً أن تصبح له كل شيء أيضاً، وما أن سافرت به حتى بدأت تتعشقه وتفنى...
...وتكفله فاطمة بنت اسد زوجة عمه الكريمة كأحسن ما تكون الكفالة. تحله في المحل الرفيع من قلبها ورعايتها وتمد له يد العون والحدب بكل ما تستطيع.
وفاطمة هي المرأة الثالثة في حياة الرسول العظيم فلم تكن تحس أن محمداً يختلف بقليل أو كثير عن أولادها الباقين، بل إنها كانت تحس بأن لمحمد شأناً...
... ومن أجدر من خديجة بنت خويلد بأن تحتل في قلب محمد وفي حياته مكان الصدارة، وفعلاً فقد دخلت خديجة في حياة رجلها الخالد كإمرأة رابعة، ولكنها لمتدخل في حياته وهو محمد بن عبد الله فحسب، بل وهو رسول الله وخاتم أنبيائه أيضاً.
وهكذا كانا مفترقين ثمّ جمعهما القدر السماوي دون أن يشعرا ليضم ثروة خديجة إلى دعوة محمد؛ وما أحوج الدعوة إلى رصيد تسلك به الطريق، وقد وجد كل منهما... وأستمرت خديجة أم المؤمنين تحيا بحياة الرسالة المحمدية وتستهين في سبيلها بكل المصاعب والمحن، وقد بذلت في هذا الطريق كل ما تملك من مال حتى...
... وقد أصبحت الزهراء قطب الرحى في حياة أبيها العظيم حتى أنه كان يسميها بأم أبيها. وقد قامت منه مقام البنت والأم فهي تجهد أن تعوضه بحنانها عما افتقده بأفتقاد أمها خديجة... كان النبي يدعوها بأم أبيها ويقول: فاطمة بضعة مني من أرضاها فقد أرضاني ومن أغضبها فقد أغضبني. وكان يقول حينما يقبلها إني أشم منها رائحةالجنة، وهي الحوراء الإنسية، وكانت عنده بمنزلةٍ ما فوقها منزلة. فكانت آخر من يراه عند سفره وأول من يلقاه عند رجوعه من السفر. وكانت هي من أنحصر فيها نسله صلوات الله عليه ولم يكن رسول الله (ص) يجهل ذلك... على هذا النمط البسيط وعلى هذا النحو القدسي تمت خطبة الزهراء بنت رسول الله إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وتأخر الزفاف إلى الوقت الذي يتم فيه جهاز العروس ويهيأ بيت العريس...
... وقد جاء في الاستيعاب عن السيدة عائشة نفسها أنها سُئلت أي الناس كان أحب إلى رسول الله؟ قالت: فاطمة فسُئلت: فمن الرجل؟ قالت: زوجها...
... فاختار سودة. وسودة هي بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن لؤي... وكانت رضوان الله عليها من أسبق النساء إلى الإسلام فآمنت وهاجرت وهجرت أهلها...
... وقد تزوج بعدها بعائشة بنت أبي بكر وكانت بنت التسع سنين على بعض الروايات...
... ومارية هذه بعث بها المقوقس صاحب الإسكندرية الى رسول الله في سنة سبع من الهجرة... فولدت له إبراهيم، وكان معجباً بها وقد كانت بيضاء جعدة جميلة وقد وهب رسول الله لمن بشره بولادة إبراهيم عبداً...
...ومن النساء اللآتي دخلن في حياة النبي صفية بنت أحي بن أخطب من سبط هارون بن عمران من بني إسرائيل...
المَرأة
... جاء في الروايات الواردة عن الإمام أبي عبد الله جعفر الصادق عليه السلام رواية يحدد فيها مفهومه ومفهوم الإسلام عن المرأة فيقول: (المرأة الصالحة خير من ألف رجل غير صالح) وهو يقصد بها أن يقرر أن الإنسانية في نظر الإسلام لها قيمة واحدة وميزان واحد للكرامة بقطع النظر عن كل الصفات الطبيعية التي يتميز بها الأفراد...
المَرأة وَالعَمَل
...فإن لكل من المرأة والرجل مزاجاً خاصاً وتكويناً معيناً لا ينبغي لأي منهما أن ينحرف عنه أو ينفصل منه.
فتوزيع المهام إذاً بين الرجل والمرأة لا يقوم على أساس تسخير احدهما للآخر بل على أساس تقسيم العمل وإعطاء كل منهما نوع المهمة التي تنسجم مع طبعه ومزاجه. ولولا توزيع هذه الوظائف والتهيئة التكوينية لهذا التوزيع لما أمكن للبشرية أن تعيش على وجه الأرض فكما أن على المرأة أن تقوم بوظائفها الطبيعية في الحياة كذلك على الرجل أيضاً أن يقوم بمهامه بالنسبة للمجتمع والحياة، ويكون إنجاز هذه الوظائف الطبيعية على سبيل التعاون والتكافوء لا على سبيل التسخير والأستخدام.
المَرأة وَالحِجَاب
...إذن فعدم تظاهر المرأة بأنوثتها لا يؤخذ دليلاً على أن الإسلام أراد أن يحجبها من المجتمع فهي عندما تتصل بالمجتمع تتصل به لحساب كونها إنسان طبعاً فكما أن للرجل أن يثبت إنسانيته في الوجود، للمرأة أيضاً أن تثبت وجودها الإنساني، حالها في ذلك حال الرجل سواء بسواء. وفي النواحي التي يتحتم على المرأة التستر فيها يتحتم علىالرجل ذلك أيضاً...
المصدر :
http://www.islamwomen.org/ArbIW/Anews/L11-1.htm
اتمنى الفائدة من كلام الشهيدة الفاضلة بنت الهدى رحمة الله عليها ..
نسألكم الدعاء ...