بأمر من الله تعالى أعدّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة الزهراء (عليها السلام) إعداداً خاصاً من أجل أن تنهض بدورها الرسالي العظيم، ليبدأ بها وبعلي خطّ الإمامة المبارك، وبناءً على إعداد رسول الله (صلى الله عليه وآله) للزهراء (عليها السلام) وإشرافه على توجيهها وفقاً لما تقتضيه إرادة الله تعالى صارت فاطمة (عليها السلام) في مبادئها وأخلاقها كما لو كانت رسالة الله تمشي على الأرض، فهي تجسيد حي وعملي لكلّ ما يريده الله تعالى، ومن أجل ذلك احتلّت أرفع موقع في دنيا النساء من لدن حواء حتى قيام الساعة فهي سيدة لسناء العالمين على الإطلاق، والله يرضى لرضاها ويسخط لسخطها، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) حرب لمن حاربها وسلم لمن سالمها، وهي المطهّرة من كلّ رجس،
في الحياة الزوجية ..
من أجل أن تأخذ الفتاة المسلمة من فاطمة الزهراء (عليها السلام) قدوة لها ومثلاً أعلى في حياتها الزوجية، فإنه ينبغي أن نذكر أمثلة من حياة الزهراء (عليها السلام) في هذا الميدان : كان المهر الذي دفعه الإمام علي (عليه السلام) للزهراء (عليها السلام) قليلاً جداً (480 درهم) وهي سيدة نساء العالمين، والمطهرة من الرجس، وبضعة المصطفى (صلى الله عليه وآله) مما يعطي الفتاة المسلمة والآباء في يومنا هذا درساً بليغاً بوجوب الكفّ عن المغالاة بالمهور، فالمؤمنة لا تقدر بثمن مادي، والمرأة لا تشترى ولا تباع، وإن المغالات في المهور يحول المرأة إلى سلعة تُباع وتشترى، فالمسألة في نظر الإسلام هي حصول الزوج الكفء الذي تتوفر فيه شروط الإسلام من إيمان وخلق مستقيم، وقدرة على الإنفاق على الزوجة، فالعبرة في الزواج هي بناء حياة أسرية مؤطرة بالحبّ والإيمان والوفاء بعيدة عن المشاكل وسوء التصرف، وغلاء المهور لا يحقق الشروط التي هي حقيقة السعادة في الدنيا... وحين زُفّت الزهراء (عليها السلام) إلى بيت علي (عليه السلام) كانت مراسم الزواج عبادة خالصة لله تعالى فتهليل وتكبير وثناء على الله تعالى ورسوله ودينه الحنيف من خلال قصائد ورجز قالته أمهات المؤمنين في حفل الزفاف.
وهذا المقطع من سيرة الصديقة المباركة يدعونا أن نلغي الأساليب المحرمة التي ألفها الناس في مناسبات الزواج من غناء ورقص واختلاط الرجال بالنساء، وصخب غير محتشم، وتجميع لدعاة الفسق في محافل تسخط الله تعالى.
وعلاقة الزهراء (عليها السلام) بزوجها أمير المؤمنين (عليه السلام) كانت علاقة فريدة رائعة يتبادلان الإجلال والحبّ والوفاء بكلّ ما تحمل هذه الكلمات من معاني إنسانية نبيلة، فمن مصاديق تلك العلاقة الفريدة أن أمير المؤمنين (عليه السلام) والزهراء (عليها السلام) قد قسما العمل بينهما، فعن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يحتطب ويستقي ويكنس، وكانت فاطمة (عليها السلام) تطحن وتعجن وتخبز.
واقتداءً بالزهراء وعلي (عليهما السلام) ينبغي لشبابنا الفتيان والفتيات أن يقتدوا بهما في ميدان العلاقة الزوجية، فيعملوا على إقامتها على أساس الحبّ الصحيح، واحترام الآراء وإشاعة جوٍ من التعاون والتلاحم لتشيع السعادة في الأسرة المسلمة.
نسألكم الدعاء..